سورة يونس - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يونس)


        


{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26)}
{الحسنى} المثوبة الحسنى {وَزِيَادَةٌ} وما يزيد على المثوبة وهي التفضل. ويدلّ عليه قوله تعالى: {وَيَزِيدَهُم مّن فَضْلِهِ} [النساء: 173] وعن عليّ رضي الله عنه: الزيادة: غرفة من لؤلؤة واحدة.
وعن ابن عباس رضي الله عنه: الحسنى: الحسنة، والزيادة: عشر أمثالها.
وعن الحسن رضي الله عنه: عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، وعن مجاهد رضي الله عنه: الزيادة مغفرة من الله ورضوان.
وعن يزيد بن شجرة: الزيادة أن تمرّ السحابة بأهل الجنة فتقول: ما تريدون أن أمطركم؟ فلا يريدون شيئاً إلاّ أمطرتهم. وزعمت المشبهة والمجبرة أن الزيادة النظر إلى وجه الله تعالى، وجاءت بحديث مرفوع: «إذا دخل أهل الجنة الجنة نودوا أن يا أهل الجنة فيكشف الحجاب فينظرون إليه، فوالله ما أعطاهم الله شيئاً هو أحبّ إليهم منه» {وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ} لا يغشاها {قَتَرٌ} غبرة فيها سواد {وَلاَ ذِلَّةٌ} ولا أثر هوان وكسوف بال. والمعنى لا يرهقهم ما يرهق أهل النارإذكاراً بما ينقذهم منه برحمته. ألا ترى إلى قوله تعالى {تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ} [عبس: 41] {وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} [يونس: 27].


{وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (27)}
فإن قلت: ما وجه قوله: {والذين كَسَبُواْ السيئات جَزَاء سَيّئَةٍ بِمِثْلِهَا} وكيف يتلاءم؟ قلت: لا يخلو، إمّا أن يكون {والذين كَسَبُواْ} معطوفاً على قوله: {لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ} [يونس: 26] كأنه قيل: وللذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها، وإمّا أن يقدّر: وجزاء الذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها على معنى: جزاؤهم أن تجازى سيئة واحدة بسيئة مثلها لا يزاد عليها، وهذا أوجه من الأوّل، لأنّ في الأوّل عطفاً على عاملين وإن كان الأخقش بجيزه. وفي هذا دليل على أنّ المراد بالزيادة الفضل، لأنه دلّ بترك الزيادة على السيئة على عدله، ودلّ ثمة بإثبات الزيادة على المثوبة على فضله. وقرئ: {يرهقهم ذلة} بالياء {مّنَ الله مِنْ عَاصِمٍ} أي لا يعصمهم أحد من سخط الله وعذابه. ويجوز ما لهم من جهة الله ومن عنده من يعصمهم كما يكون للمؤمنين {مُظْلِماً} حال من الله. ومن قرأ: (قطعاً) بالسكون من قوله: {بِقِطْعٍ مّنَ اليل} [هود: 81] جعله صفة له. وتعضده قراءة أبيّ بن كعب: كأنما يغشى وجوههم قطع من الليل مظلم.
فإن قلت: إذا جعلت مظلماً حالاً من الليل، فما العامل فيه؟ قلت: لا يخلو إمّا أن يكون {أُغْشِيَتْ} من قبل إن {مِّنَ اليل} صفة لقوله: {قِطَعًا} فكان إفضاؤه إلى الموصوف كإضفائه إلى الصفة، وإمّا أن يكون معنى الفعل في {مِّنَ اليل}.


{وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ (28)}
{مَكَانَكُمْ} الزموا مكانكم لا تبرحوا حتى تنظروا ما يفعل بكم. و{أَنتُمْ} أكد به الضمير في مكانكم لسدّه مسدّ قوله: الزموا {وَشُرَكَاؤُكُمْ} عطف عليه. وقرئ: {وشركاءكم} على أنّ الواو بمعنى مع، والعامل فيه ما في مكانكم من معنى الفعل {فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ} ففرّقنا بينهم وقطعنا أقرانهم. والوصل التي كانت في بينهم في الدنيا. أو فباعدنا بينهم بعد الجمع بينهم في الموقف. وتبرؤ شركائهم منهم ومن عبادتهم، كقوله تعالى: {ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَمَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ مِن دُونِ الله قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا} [غافر: 73] وقرئ: {فزايلنا بينهم} كقولك: صاعر خدّه وصعره، وكالمته وكلّمته. {مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ} إنما كنتم تعبدون الشياطين، حيث أمروكم أن تتخذوا لله أنداداً فأطعتموهم.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10